فصل: تفسير الآيات (94- 100):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (94- 100):

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (100)}
قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا في قَرْيَةٍ مّن نَّبِىٍّ} لما فصل الله سبحانه أحوال بعض الأنبياء مع أممهم، وهم المذكورون سابقاً، أجمل حال سائر الأمم المرسل إليها، أي وما أرسلنا في قرية من القرى من نبيّ من الأنبياء. وفي الكلام محذوف، أي فكذب أهلها {إلا أخذناهم} والاستثناء مفرّغ، أي ما أرسلنا في حال من الأحوال، إلا في حال أخذنا أهلها، فمحل أخذنا النصب. والبأساء: البؤس والفقر. والضراء: الضرّ.
وقد تقدم تحقيق معنى البأساء والضراء {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ} أي لكي يتضرعوا ويتذللوا، فيدعوا ما هم عليه من الاستكبار وتكذيب الأنبياء.
قوله: {ثُمَّ بَدَّلْنَا} معطوف على {أخذنا} أي ثم بعد الأخذ لأهل القرى بدّلناهم {مَكَانَ السيئة} التي أصبناهم بها من البلاء والامتحان {الحسنة} أي الخصلة الحسنة، فصاروا في خير وسعة وأمن {حتى عَفَواْ} يقال عفا كثر، وعفا درس، فهو من أسماء الأضداد، والمراد هنا: أنهم كثروا في أنفسهم وفي أموالهم، أي أعطيناهم الحسنة مكان السيئة، حتى كثروا {وَّقَالُواْ قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا الضراء والسراء} أي قالوا هذه المقالة عند أن صاروا في الحسنة بعد السيئة، أي أن هذا الذي مسنا من البأساء والضراء، ثم من الرخاء والخصب من بعد، هو أمر وقع لآبائنا قبلنا مثله. فمسهم من البأساء والضراء ما مسنا، ومن النعمة والخير ما نلناه، ومعناهم: أن هذه العادة الجارية في السلف والخلف، وأن ذلك ليس من الله سبحانه ابتلاء لهم، واختبار لما عندهم، وفي هذا من شدة عنادهم وقوة تمردهم وعتوّهم ما لا يخفى، ولهذا عاجلهم الله بالعقوبة ولم يمهلهم فقال: {فأخذناهم بَغْتَةً} أي فجأة عقب أن قالوا هذه المقالة من دون تراخ ولا إمهال والحال أن {هُمْ لا يَشْعُرُونَ} بذلك ولا يترقبونه. واللام في {القرى} للعهد، أي: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى} التي أرسلنا إليها رسلنا {ءامَنُواْ} بالرسل المرسلين إليهم {واتقوا} ما صمموا عليه من الكفر، ولم يصرّوا على ما فعلوا من القبائح {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض} أي يسرنا لهم خير السماء والأرض، كما يحصل التيسير للأبواب المغلقة بفتح أبوابها. قيل المراد بخير السماء: المطر، وخير: الأرض النبات، والأولى حمل ما في الآية على ما هو أعمّ من ذلك. ويجوز أن تكون اللام في {القرى} للجنس. والمراد: لو أن أهل القرى أين كانوا، وفي أيّ بلاد سكنوا {آمنوا واتقوا} إلى آخر الآية. {ولكن كَذَّبُواْ} بالآيات والأنبياء ولم يؤمنوا ولا اتقوا {فأخذناهم} بالعذاب بسبب {مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} من الذنوب الموجبة لعذابهم. والاستفهام في {أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى} للتقريع والتوبيخ، وأهل القرى هم أهل القرى: المذكورة قبله، والفاء للعطف، وهو مثل: {أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ} [المائدة: 50]. وقيل: المراد بالقرى مكة وما حولها، لتكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم، والحمل على العموم أولى.
قوله: {أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بياتا} أي: وقت بيات، وهو الليل، على أنه منصوب على الظرفية، ويجوز أن يكون مصدراً، بمعنى تبيتاً، أو مصدراً في موضع الحال، أي مبيتين، وجملة: {وَهُمْ نَائِمُونَ} في محل نصب على الحال، والاستفهام في {أَوَ أَمِنَ أَهْلُ القرى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ} كالاستفهام الذي قبله. والضحى ضحوة النهار، وهو في الأصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت. قرأ ابن عامر والحرميان {أوْ أمن} بإسكان الواو، وقرأ الباقون بفتحها. وجملة {وَهُمْ يَلْعَبُونَ} في محل نصب على الحال، أي يشتغلون بما لا يعود عليهم بفائدة. والاستفهام في {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ الله} للتقريع والتوبيخ، وإنكار ما هم عليه من أمان مالا يؤمن من مكر الله بهم وعقوبته لهم، وفي تكرير هذا الاستفهام زيادة تقرير، لإنكار ما أنكره عليهم، ثم بين حال من أمن مكر الله، فقال: {فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون} أي الذين أفرطوا في الخسران، ووقعوا في وعيده الشديد. وقيل: مكر الله هنا هو استدراجه بالنعمة والصحة. والأولى حمله على ما هو أعمّ من ذلك.
قوله: {أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض مِن بَعْدِ أَهْلِهَا} قرئ: {نهد} بالنون وبالتحتية. فعلى القراءة بالنون يكون فاعل الفعل هو الله سبحانه، ومفعول الفعل {أَن لَّوْ نَشَاء أصبناهم بِذُنُوبِهِمْ} أي أن الشأن هو هذا، وعلى القراءة بالتحتية يكون فاعل يهد هو {أَن لَّوْ نَشَاء أصبناهم بِذُنُوبِهِمْ} أي أخذناهم بكفرهم وتكذيبهم. والهداية هنا بمعنى التبيين، ولهذا عديت باللام.
قوله: {وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ} أي ونحن نطبع على قلوبهم على الاستئناف، ولا يصح عطفه على {أصبنا} لأنهم ممن طبع الله على قلبه، لعدم قبولهم للإيمان. وقيل: هو معطوف على فعل مقدّر دلّ عليه الكلام. كأنه قيل يغفلون عن الهداية ونطبع. وقيل معطوف على {يرثون} قوله: {فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} جواب {لو} أي صاروا بسبب إصابتنا لهم بذنوبهم، والطبع على قلوبهم، لا يسمعون ما يتلوه عليهم من أرسله الله إليهم من الوعظ، والإعذار، والإنذار.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السيئة الحسنة} قال: مكان الشدة الرخاء {حتى عَفَواْ} قال: كثروا، وكثرت أموالهم.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن مجاهد نحوه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس في قوله: {حتى عَفَواْ} قال: جَمُّوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {قَدْ مَسَّ ءابَاءنَا الضراء والسراء} قال: قالوا قد أتى على آبائنا مثل هذا فلم يكن شيئاً {فأخذناهم بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عنه في قوله: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ} قال: بما أنزل الله: {واتقوا} قال: ما حرّمه الله {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مّنَ السماء والأرض} يقول: أعطتهم السماء بركتها والأرض نباتها.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق معاذ بن رفاعة، عن موسى الطائفي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكرموا الخبز، فإن الله أنزله من بركات السماء، وأخرجه من بركات الأرض».
وأخرج البزار والطبراني، قال السيوطي، بسند ضعيف، عن عبد الله ابن أمّ حرام قال: صليت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أكرموا الخبز، فإن الله أنزله من بركات السماء، وسخر له بركات الأرض، ومن تتبع ما يسقط من السفرة، غفر له».
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان أهل قريةِ أوسع الله عليهم، حتى كانوا يستنجون بالخبز، فبعث الله عليهم الجوع.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {أَوَ لَمْ يَهْدِ} قال: أو لم نبين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد مثله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ في قوله: {لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض مِن بَعْدِ أَهْلِهَا} قال: المشركون.

.تفسير الآيات (101- 102):

{تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (102)}
قوله: {تِلْكَ القرى} أي التي أهلكناها، وهي قرى قوم نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، المتقدّم ذكرها. {نَقُصُّ عَلَيْكَ} أي نتلو عليك {مِنْ أَنبَائِهَا} أي من أخبارها. وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين. و{نقصّ} إما في محل نصب على أنه حال، و{تِلْكَ القرى} مبتدأ وخبر، أو يكون في محل رفع على أنه الخبر، و{القرى} صفة {لتلك} و{من} في {مِنْ أَنبَائِهَا} للتبعيض، أي نقصّ عليك بعض أنبائها، واللام في {وَلَقَد جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بالبينات} جواب القسم. والمعنى: أن من أخبارهم أنها جاءتهم رسل الله ببيناته، كما سبق بيانه في قصص الأنبياء المذكورين قبل هذا {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ} عند مجيء الرسل {بِمَا كَذَّبُواْ} به {مِن قَبْلُ} مجيئهم، أو فما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل، في حال من الأحوال، ولا في وقت من الأوقات بما كذبوا به قبل مجيئهم، بل هم مستمرون على الكفر، متشبثون بأذيال الطغيان دائماً، ولم ينجع فيهم مجيء الرسل، ولا ظهر له أثر، بل حالهم عند مجيئهم كحالهم قبله. وقيل المعنى: فما كانوا ليؤمنوا بعد هلاكهم بما كذبوا به لو أحييناهم كقوله: {وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا} [الأنعام: 28] وقيل سألوا المعجزات، فلما رأوها لم يؤمنوا بما كذبوا به من قبل رؤيتها، والأوّل: أولى، ومعنى تكذيبهم قبل مجيء الرسل: أنهم كانوا في الجاهلية يكذبون بكل ما سمعوا به من إرسال الرسل، وإنزال الكتب.
قوله: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ الله على قُلُوبِ الكافرين} أي مثل ذلك الطبع الشديد يطبع الله على قلوب الكافرين، فلا ينجع فيهم بعد ذلك وعظ ولا تذكير ولا ترغيب ولا ترهيب. قوله: {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ} الضمير يرجع إلى أهل القرى المذكورين سابقاً، أي ما وجدنا لأكثر أهل هذه القرى من عهد، أي عهد يحافظون عليه ويتمسكون به، بل دأبهم نقض العهود في كل حال. وقيل الضمير يرجع إلى الناس على العموم، أي ما وجدنا لأكثر الناس من عهد. وقيل المراد بالعهد: هو المأخوذ عليهم في عالم الذرّ. وقيل: الضمير يرجع إلى الكفار على العموم من غير تقييد بأهل القرى، أي الأكثر منهم لا عهد ولا وفاء. والقليل منهم قد يفي بعهده ويحافظ عليه، و(أن) في {وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لفاسقين} هي المخففة من الثقيلة، وضمير الشأن محذوف، أي أن الشأن وجدنا أكثرهم لفاسقين، أو هي النافية. واللام في {لفاسقين} بمعنى إلا، أي إلا فاسقين خارجين عن الطاعة خروجاً شديداً.
وقد أخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبيّ بن كعب، في قوله: {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ} قال: كان في علم الله يوم أقروا له بالميثاق من يكذب به ممن يصدّق به.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد، في قوله: {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ} قال: مثل قوله: {وَلَوْ رُدُّواْ لعادوا لِمَا نُهُواْ عَنْهُ} [الأنعام: 28].
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الحسن، في قوله: {وَمَا وَجَدْنَا لأَكْثَرِهِم مّنْ عَهْدٍ} قال: الوفاء.
وأخرج ابن أبي حاتم، في الآية قال: هو ذاك العهد يوم أخذ الميثاق.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، نحوه.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، في قوله: {وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لفاسقين} قال: ذاك أن الله إنما أهلك القرى، لأنهم لم يكونوا حفظوا ما وصاهم به.

.تفسير الآيات (103- 122):

{ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى بِآَيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (103) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105) قَالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآَيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (106) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (107) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (108) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (110) قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122)}
قوله: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم موسى} أي من بعد نوح وهود وصالح ولوط وشعيب أي ثم أرسلنا موسى بعد إرسالنا لهؤلاء الرسل. وقيل: الضمير في {مّن بَعْدِهِمْ} راجع إلى الأمم السابقة، أي من بعد إهلاكهم {إلى فِرْعَوْنَ وملئه} فرعون هو لقب لكل من يملك أرض مصر بعد العمالقة. وملأ فرعون: أشراف قومه، وتخصيصهم بالذكر مع عموم الرسالة لهم ولغيرهم، لأن من عداهم كالأتباع لهم. قوله: {فَظَلَمُواْ بِهَا} أي كفروا بها. وأطلق الظلم على الكفر، لكون كفرهم بالآيات التي جاء بها موسى كان كفراً متبالغاً، لوجود ما يوجب الإيمان من المعجزات العظيمة التي جاءهم بها. والمراد بالآيات هنا: هي الآيات التسع. أو معنى: {فَظَلَمُواْ بِهَا} ظلموا الناس بسببها لما صدّوهم عن الإيمان بها، أو ظلموا أنفسهم بسببها {فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المفسدين} أي المكذبين بالآيات الكافرين بها، وجعلهم مفسدين، لأن تكذيبهم وكفرهم من أقبح أنواع الفساد.
قوله: {وَقَالَ موسى يافرعون إِنّى رَسُولٌ مِن رَّبّ العالمين} أخبره بأنه مرسل من الله إليه، وجعل ذلك عنواناً لكلامه معه، لأن من كان مرسلاً من جهة من هو رب العالمين أجمعين، فهو حقيق بالقبول لما جاء به، كما يقول من أرسله الملك في حاجة إلى رعيته: أنا رسول الملك إليكم، ثم يحكي ما أرسل به فإن في ذلك من تربية المهابة، وإدخال الروعة، مالا يقادر قدره.
قوله: {حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ عَلَى الله إِلاَّ الحق} قرئ: {حقيق عليّ أن لا أقول} أي واجب عليّ، ولازم لي، أن لا أقول فيما أبلغكم عن الله إلا القول الحق، وقرئ: {حَقِيقٌ عَلَى أَن لا أَقُولَ} بدون ضمير في {على}؛ قيل: في توجيهه إن {على} معنى الباء، أي حقيق بأن لا أقول. ويؤيده قراءة أبيّ والأعمش، فإنهما قرأ: {حقيق بأن لا أقول}. وقيل: إن {حَقِيقٌ} مضمن معنى حريص. وقيل: إنه لما كان لازماً للحق، كان الحق لازماً له. فقول الحق حقيق عليه، وهو حقيق على قول الحق. وقيل إنه أغرق في وصف نفسه في ذلك المقام، حتى جعل نفسه حقيقة على قول الحق، كأنه وجب على الحق أن يكون موسى هو قائله. وقرأ عبد الله بن مسعود {حقيق أن لا أقول} بإسقاط {على} ومعناها واضح. ثم قال بعد هذا {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مّن رَّبّكُمْ} أي بما يتبين به صدقي، وأني رسول من رب العالمين.
وقد طوى هنا ذكر ما دار بينهما من المحاورة، كما في موضع آخر أنه قال فرعون: {فَمَن رَّبُّكُمَا ياموسى} [طه: 49]. ثم قال بعد جواب موسى {وَمَا رَبُّ العالمين} [الشعراء: 23] الآيات الحاكية لما دار بينهما.
قوله: {فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى إسراءيل} أمره بأن يدع بني إسرائيل يذهبون معه، ويرجعون إلى أوطانهم، وهي الأرض المقدّسة.
وقد كانوا باقين لديه مستعبدين ممنوعين من الرجوع إلى وطنهم، والفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها، فلما قال ذلك {قَالَ} له فرعون {إِن كُنتَ جِئْتَ بِآيةٍ} من عند الله كما تزعم {فَأْتِ بِهَا} حتى نشاهدها، وننظر فيها {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} في هذه الدعوى التي جئت بها.
قوله: {فألقى عَصَاهُ فَإِذَا هي ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} أي وضعها على الأرض فانقلبت ثعباناً، أي حية عظيمة من ذكور الحيات. ومعنى {مُّبِينٌ} أن كونها حية في تلك الحال أمر ظاهر واضح لا لبس فيه. {وَنَزَعَ يَدَهُ} أي أخرجها وأظهرها من جيبه، أو من تحت إبطه، وفي التنزيل: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ في جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوء} [النمل: 12]. قوله: {فَإِذَا هي بَيْضَاء للناظرين} أي فإذا يده التي أخرجها بيضاء تتلألأ نوراً، يظهر لكل مبصر.
{قَالَ الملأ} أي الأشراف {مِن قَوْمِ فِرْعَونَ} لما شاهدوا انقلاب العصى حية، ومصير يده بيضاء من غير سوء {إِنَّ هَذَا} أي موسى {لساحر عَلِيمٌ} أي كثير العلم بالسحر. ولا تنافي بين نسبة هذا القول إلى الملأ هنا، وإلى فرعون في سورة الشعراء، فكلهم قد قالوه، فكان ذلك مصححاً لنسبته إليهم تارة وإليه أخرى.
وجملة: {يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مّنْ أَرْضِكُمْ} وصف {لساحر}. والأرض المنسوبة إليهم هي أرض مصر. وهذا من كلام الملأ. وأما {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} فقيل: هو من كلام فرعون، قال للملأ لما قالوا بما تقدّم، أي بأي شيء تأمرونني. وقيل: هو من كلام الملأ، أي قالوا لفرعون، فبأي شيء تأمرنا، وخاطبوه بما تخاطب به الجماعة تعظيماً له، كما يخاطب الرؤساء أتباعهم. وما في موضع نصب بالفعل الذي بعدها. ويجوز أن تكون (ذا) بمعنى الذي، كما ذكره النحاة في ماذا صنعت، وكون هذا من كلام فرعون هو الأولى، بدليل ما بعده، وهو: {قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ} قال الملأ جواباً لكلام فرعون، حيث استشارهم وطلب ما عندهم من الرأي: {أرجه} أي أخره وأخاه. يقال أرجأته وأرجيته: أخرته. قرأ عاصم والكسائي وحمزة وأهل المدينة {أرجه} بغير همز. وقرأ الباقون بالهمز. وقرأ أهل الكوفة إلا الكسائي {أرجه} بسكون الهاء. قال الفراء: هي لغة للعرب يقفون على الهاء في الوصل، وأنكر ذلك البصريون. وقيل معنى {أرجه} احبسه. وقيل هو من رجا يرجو، أي أطمعه ودعه يرجوك، حكاه النحاس عن محمد بن يزيد المبرد {وَأَرْسِلْ في المدائن حاشرين} أي أرسل جماعة حاشرين في المدائن التي فيها السحرة، و{حاشرين} مفعول {أرسل}.
وقيل: هو منصوب على الحال. و{يَأْتُوكَ} جواب الأمر، أي يأتوك هؤلاء الذين أرسلتهم {بِكُلّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ} أي بكل ماهر في السحر، كثير العلم بصناعته. قرأ أهل الكوفة إلا عاصم {سحار}. وقرأ من عداهم {ساحر}.
قوله: {وَجَاء السحرة فِرْعَوْنَ} في الكلام طيّ، أي فبعث في المدائن حاشرين، وجاء السحرة فرعون. قوله: {قَالْواْ إِنَّ لَنَا لأَجْرًا} أي فلما جاءوا فرعون قالوا له إن لنا لأجراً، والجملة استئنافية جواب سؤال مقدّر، كأنه قيل: أيّ شيء قالوا له لما جاءوه؟ والأجر الجائزة والجعل، ألزموا فرعون أن يجعل لهم جُعلاً، إن غلبوا موسى بسحرهم. قرأ نافع، وابن كثير {إن لنا} على الإخبار. وقرأ الباقون {أئن لنا} على الاستفهام. استفهموا فرعون عن الجعل الذي سيجعله لهم على الغلبة، ومعنى الاستفهام التقرير. وأما على القراءة الأولى، فكأنهم قاطعون بالجعل، وأنه لابدّ لهم منه، فأجابهم فرعون بقوله: {نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين} أي إن تلكم لأجراً، وإنكم مع هذا الأجر المطلوب منكم لمن المقرّبين لدينا.
قوله: {قَالُواْ يا موسى إَمَا أَن تُلْقِىَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الملقين} هذه الجملة مستأنفة جواب سؤال مقدّر، كأنه قيل: فما قالوا لموسى بعد أن قال لهم فرعون {نعم وإنكم لمن المقرّبين}. والمعنى: أنهم خيروا موسى بين أن يبتدئ بإلقاء ما يلقيه عليهم، أو يبتدئوه هم بذلك تأدّباً معه، وثقة من أنفسهم بأنهم غالبون، وإن تأخروا، و{أن} في موضع نصب، قاله الكسائي والفراء، أي إما أن تفعل الإلقاء أو نفعله نحن. فأجابهم موسى بقوله: {أَلْقَوْاْ} اختار أن يكونوا المتقدّمين عليه بإلقاء ما يلقونه غير مبال بهم، ولا هائب لما جاءوا به. قال الفراء: في الكلام حذف. المعنى: قال لهم موسى إنكم لم تغلبوا ربكم، ولن تبطلوا آياته. وقيل هو تهديد، أي ابتدئوا بالإلقاء فستنظرون ما يحل بكم من الافتضاح. والموجب لهذين التأويلين عند من قال بهما أنه لا يجوز على موسى أن يأمرهم بالسحر {فَلَمَّا أَلْقُوْاْ} أي حبالهم وعصيهم {سَحَرُواْ أَعْيُنَ الناس} أي قلبوها وغيروها عن صحة إدراكها بما جاءوا به من التمويه والتخييل الذي يفعله المشعوذون وأهل الخفة {واسترهبوهم} أي أدخلوا الرهبة في قلوبهم إدخالاً شديداً {وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ} في أعين الناظرين لما جاءوا به، وإن كان لا حقيقة له في الواقع.
قوله: {وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} أمره الله سبحانه، عند أن جاء السحرة بما جاءوا به من السحر، أن يلقي عصاه {فَإِذَا هِىَ} أي العصا {تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} قرأ حفص {تَلْقَفْ} بإسكان اللام، وتخفيف القاف من لقف يلقف. وقرأ الباقون بفتح اللام، وتشديد القاف من تلقف يتلقف، يقال لقفت الشيء وتلقفته: إذا أخذته أو بلعته.
قال أبو حاتم: وبلغني في بعض القراءات {تلقم} بالميم والتشديد، قال الشاعر:
أنت عصا موسى التي لم تزل ** تلقم ما يأفكه الساحر

و{ما} في {مَا يَأْفِكُونَ} مصدرية أو موصولة، أي إفكهم أو ما يأفكونه، سماه إفكاً، لأنه لا حقيقة له في الواقع، بل هو كذب وزور وتمويه وشعوذة {فَوَقَعَ الحق} أي ظهر وتبين لما جاء به موسى {وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} من سحرهم، أي تبين بطلانه {فَغُلِبُواْ} أي السحرة {هُنَالِكَ} أي في الموقف الذي أظهروا فيه سحرهم {وانقلبوا} من ذلك الموقف {صاغرين} أذلاء مقهورين {وَأُلْقِىَ السحرة ساجدين} أي خروا ساجدين، كأنما ألقاهم ملق على هيئة السجود، أو لم يتمالكوا مما رأوا، فكأنهم ألقوا أنفسهم، وجملة {قَالُواْ ءامَنَّا بِرَبّ العالمين رَبّ موسى وهارون} مستأنفة جواب سؤال مقدّر، كأنه قيل: ماذا قالوا عند سجودهم أوفي سجودهم؟ وإنما قالوا هذه المقالة وصرّحوا بأنهم آمنوا بربّ العالمين، ثم لم يكتفوا بذلك حتى قالوا: {ربّ موسى وهارون} لئلا يتوهم متوهم من قوم فرعون المقرّين بإلهيته، أن السجود له.
وقد أخرج أبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {ثُمَّ بَعَثْنَا موسى} قال: إنما سمي موسى، لأنه ألقى بين ماء وشجر، فالماء بالقبطية: مو والشجر: سي.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد أن فرعون كان فارسياً من أهل إصطخر.
وأخرج أيضاً عن ابن لهيعة، أنه كان من أبناء مصر.
وأخرج أيضاً وأبو الشيخ، عن محمد بن المنكدر قال: عاش فرعون ثلثمائة سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عليّ بن أبي طلحة، أن فرعون كان قبطياً ولد زنا طوله سبعة أشبار.
وأخرج أيضاً عن الحسن قال: كان علجاً من همذان.
وأخرج أبو الشيخ، عن إبراهيم بن مقسم الهذلي، قال: مكث فرعون أربعمائة سنة لم يصدع له رأس.
وأخرج عبد بن حميد، وأبو الشيخ، عن قتادة، في قوله: {فألقى عَصَاهُ} قال: ذكر لنا أن تلك العصا عصا آدم، أعطاه إياها ملك حين توجه إلى مدين، فكانت تضيء بالليل، ويضرب بها الأرض بالنهار، فتخرج له رزقه ويهشّ بها على غنمه {فَإِذَا هي ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} قال: حية تكاد تساوره.
وأخرج ابن أبي حاتم، على ابن عباس، قال: لقد دخل موسى على فرعون وعليه زرمانقة من صوف ما تجاوز مرفقيه، فاستأذن على فرعون فقال: أدخلوه، فدخل فقال: إن إلهي أرسلني إليك، فقال للقوم حوله: {ما علمت لكم من إله غيري} [القصص: 38]، خذوه. قال إني قد جئتك بآية، قال: فائت بها إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه، فصارت ثعباناً بين لحييه، ما بين السقف إلى الأرض، وأدخل يده في جيبه، فأخرجها مثل البرق تلتمع الأبصار، فخروا على وجوههم، وأخذ موسى عصاه ثم خرج، ليس أحد من الناس إلا نفر منه.
فلما أفاق وذهب عن فرعون الروع قال للملأ حوله: ماذا تأمروني؟ {قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاه} ولا تأتنا به ولا يقربنا {وَأَرْسِلْ في المدائن حاشرين} وكانت السحرة يخشون من فرعون، فلما أرسل إليهم قالوا: قد احتاج إليكم إلهكم؟ قال: إن هذا فعل كذا وكذا. قالوا: إن هذا ساحر سحر {إِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ المقربين}.
وأخرج ابن أبي حاتم، عنه، قال: عصى موسى اسمها ماشا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ من طرق، عنه، في قوله: {فَإِذَا هي ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} قال: الحية الذكر.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ، في قوله: {فَإِذَا هي ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ} قال: الذكر من الحيات، فاتحة فمها، واضعة لحيها الأسفل في الأرض، والأعلى على سور القصر، ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه، فلما رآها ذُعِر منها ووثب فأحدث، ولم يكن يحدث قبل ذلك، فصاح يا موسى خذها وأنا أؤمن بربك وأرسل معك بني إسرائيل، فأخذها موسى فصارت عصا.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {أَرْجِهْ} قال: أخره.
وأخرج عبد بن حميد، عن قتادة، قال: احبسه وأخاه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس من طرق في قوله: {وَأَرْسِلْ في المدائن حاشرين} قال: الشُّرَط.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عنه، في قوله: {وَجَاء السحرة} قال: كانوا سبعين رجلاً أصبحوا سحرة، وأمسوا شهداء.
وقد اختلفت كلمة السلف في عددهم؛ فقيل: كانوا سبعين كما قال ابن عباس. وقيل كانوا اثني عشر. وقيل: خمسة عشر ألفاً. وقيل: سبعة عشر ألفاً. وقيل: تسعة عشر ألفاً. وقيل: ثلاثين ألفاً. وقيل: سبعين ألفاً. وقيل: ثمانين ألفاً. وقيل ثلثمائة ألف. وقيل تسعمائة ألف.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن قتادة، في قوله: {إِنَّ لَنَا لأَجْرًا} أي عطاء.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس، في قوله: {فَلَمَّا أَلْقُوْاْ} قال: ألقوا حبالاً غلاظاً وخشباً طوالاً، فأقبلت يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن السديّ قال: ألقى موسى عصاه فأكلت كل حية لهم، فلما رأوا ذلك سجدوا.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن قتادة، نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن مجاهد، في قوله: {تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} قال: ما يكذبون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن الحسن في قوله: {تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} قال: تسترط حبالهم وعصيهم.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن ابن مسعود، وناس من الصحابة قال: التقى موسى وأمير السحرة، فقال له موسى: أرأيتك إن غلبتك أتؤمن بي؟ وتشهد أن ما جئت به حق؟ فقال الساحر: لآتينّ غداً بسحر لا يغلبه سحر. فو الله لئن غلبتني لأمننّ بك، ولأشهدنّ أنه حق، وفرعون ينظر إليهما وهو قول فرعون {إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ في المدينة} [الأعراف: 123].
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الأوزاعي قال: لما خرّ السحرة سجداً رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها.